عبد المنعم أديب
قرأنا في الأيام الماضية نيَّة وزارة التعليم المصرية -في قادم السنوات- التحويل الكامل لتدريس العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية؛ بغضّ النظر عن مستوى المدرسة أو نوع التعليم (كالتعليم التجريبي مثلًا). وسبَّبت الوزارة هذا التصرف بتحسين أداء التعليم المصريّ، ورفع مستوى الطالب المصري. هذا التصرف حدث -تصوُّرًا أو تجربةً- عددًا من المرات في البلاد العربية، بل طُرح للنقاش على أكبر المستويات جديةً؛ حتى ضغط كثيرٌ من المثقفين العرب في هذه القضية لتصدُّر المشهد الثقافي العربي، وأقنعوا الكثير من العرب الأفراد بها. وصار هؤلاء يتناقشون بها في أحاديثهم الخاصة؛ فيقول أحدهم للآخر: كيف نتوقع النجاح أو التقدُّم ونحن لا ندرس العلم بلغته؟! وكأنه بهذا القول قد حسم الموقف، وأبان عن حقيقة المعضلة التي تواجهنا.
والمقصود هنا أن تصريح الوزارة في الأيام الفائتة ليس بدعًا من الأمر، بل القضية أعظم وأجلّ من هذا الموضع؛ فقد كانت من القضايا شبه الرئيسة في هذا المجال. ولعلَّ بدءها كان مع بدء الاتصال العميق بين الحضارة العربية والغربية قبل ما يقرب من قرنين؛ ولعلَّ ما قد واراها عن الظهور العنيف على يد حفنة المثقفين -وليس كلهم بالقطع- المنسحقين حضاريًّا هو فكرة العروبة التي سيطرت على الحضارة العربية في عقودها الأخيرة، والتي وهنت في العقدين الأخيرين. فلم يكن أحد يستطيع أن يصرح مواجهًا المجتمع الذي يؤمن بالعروبة أنْ نقتل اللغة العربية ونحلَّ محلها لغة أخرى، بل كان الحديث يدور دورانًا على سبيل التفكير البعيد، وعلى سبيل العلوم نفسها لا لغة تدريسها والتعامل معها.
وهنا أنوِّه أن القضية التي نناقشها جميعًا ونقف أمامها أكبر من قضية اللغة العربية، ودورها، ومستقبلها. لأنها قضية حضارية تمسُّ جوهر الحضارة طعنًا في القلب مباشرةً. وفي السطور القادمة سأناقش الفكرة باختصار؛ محاولًا بيان بعض أبعادها -القضية أكبر من أن تناقش في مقال مهما كان- التي تضفي رؤية أوضح لها. أكمل قراءة المقالة على تبيان.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق