عبد المنعم أديب تمتاز ثقافة مراجعة الكتب عند الغرب عمَّا نراه عندنا؛ فهُم لا يكتفون بمراجعات الكتب بعد صدورها -كما لدينا-، بل يُصدرون مراجعات عن الكتب قبل أن تصدر للقارئ. يكون هذا بالاتفاق مع دار النشر. الأمر أشبه بما تفعله شركات التقنية؛ حيث تصدر نُسخًا من الهواتف أو الحواسيب لبعض المراجعين المشاهير ذوي الجمهور الضخم؛ ليلقوا نظرة على الأجهزة، ويقيموها، ثم يعدوا عنها محتوى مكتوبًا أو مبثوثًا على قنواتهم الخاصة. في الغالب هذا السلوك يتخذ شكل الإعلان الصريح أو المستتر؛ ويكون مدفوع الأجر. وليس في عالمنا العربي شيء من هذا إلا حالات نادرة؛ حيث يحصل أحد الكتاب من أصحاب الكاتب أو الدار على نسخة ما قبل النشر، ويتناولها بالعرض في مقال. إن دلَّ هذا الفعل في الغرب على شيء؛ فعَلامَ يدلُّ؟ يدل على أن عملية نشر الكتاب مُنظَّمة ومُرتَّبة، وأنهم لا يلجأون إلى الحلول الفردية في طباعة الكُتُب، بل يحيلون العملية إلى منظومة مكونة من عدة أطراف لينجح نشر الكتاب، ويصل إلى أكبر عدد من القرَّاء. لكن لا بد أن تعرف -وأنت تنبهر بهذا النظام- أنه أُنشئ وصُمم لضمان أقصى نسبة بيع، وبالتبعة تحقيق أكبر مكسب مادي؛ أيْ أن الأمر لا يتعلق بالثقافة في المقام الأول، بل يتعلق بالعائد المادي. فإذا سمع أحدنا هذا الترتيب قد يشعر بالإعظام للمنظومة، وهو بهذا الشعور قد حقَّق هدفًا للرأسمالية الغربية التي تحب أن تُدهِش الآخرين بجودة نظامها بيدٍ، وهي تعد النقود التي دفعوها لها راضين كل الرضا باليد الأخرى.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق