هناك جانب يُراد لنا أن لا نعرفه عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فالنَّبيُّ لم يكن درويشًا ولا "راجل بركة" ومع ذلك نشاهد في الواقع مواقف معيَّنة في السٍّيرة النَّبويَّة نسمعها تقريبًا في كل خطبة جمعة وكل لقاء تلفزيونيٍّ لشيخ، وهناك مواقف أخرى يستخدمها السَّاسة لتبرير مواقفهم وخذلانهم، وعلى النَّقيض من ذلك هناك مواقف عظيمة تمَّ تغييبها لما يبدو أنَّهم يخجلون من ذكرها أو يخافون. ليس بدعًا من القول أن أعتبر معرفة المسلمين في هذا الزَّمان بنبيِّهم قاصرة ضعيفة غير كاملة، وأنَّ نظرتهم إليه لا تعدو نظرة سطحيَّة تسبَّبت في الكثير من التَّراجع والخلل في مسيرة الأمَّة. فبدل أن تكون سيرة خير الأنام قدوة أُولى ونموذجًا أوْلى للدِّراسة والاقتداء، بما تحمله من تكامل المفاهيم والنُّظُم الحياتيَّة التي تدخل في كل جزئيَّة من بناء الفرد إلى بناء المجتمع إلى بناء الدَّولة، اقتصر الاهتمام بالسِّيرة النَّبويَّة في جوانب بعينها وتمَّ تحييد الأخرى رغم أهمِّيتها أو تمَّ التَّعامل معها برؤية أحاديَّة مقتطعة لا رؤية شاملة متلاحمة. فرغم حجم الاهتمام بسيرة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم والأحاديث النَّبويَّة الشَّريفة لا يزال هناك تقصير في طريقة عرضها مما أدى إلى تغييب شخصية الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم من حياة المسلمين كمثال ملهم وقدوة مرشدة في جميع مجالات الحياة. وبدلًا من ذلك حصر الاهتمام بهديه صلَّى الله عليه وسلَّم في فقه العبادات والسُّلوكيَّات. أكمل القراءة من تبيان.
|