استيقظ سكان العاصمة المثلثة الخرطوم صبيحة الخامس عشر من أبريل الماضي؛ على صوت الرصاص والضرب الناري الصادر من الطرفين المتحاربين؛ القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وطيلة التسعة أشهر التي تلت ذلك الصباح ما انقطع وابل الرصاص والضرب بين الطرفين وللأسف على المدنيين كذلك. لنفهم القصة يجب أن نرجع خطوات للخلف ونعرف من هم قوات الدعم السريع؟ ولم حصل الصراع داخل العاصمة القومية للسودانين؟ ولم يصف كثير من السودانين هذه الحرب بأنها: "حرب على المواطن"؟ وليست حربًا بين الجيش والدعم السريع فقط. بادي القول فإن قوات الدعم السريع هي قوات أنشئها الديكتاتور والرئيس السابق عمر البشير من مليشيا الجنجويد في دارفور، وجنجويد في لهجة السودانيين الدارفوريين تعني السرقة والنهب وجنجد أي سرق ونهب، وهو لقب استحقته هذه العصبة من الرجال التي استباحت وأحرقت واغتصبت قرى موطنهم دارفور -التي تقع في غرب السودان ويسكنها مليون مواطن من أعراق مختلفة وبها موارد غنية وهي أرض خصبة- لسنين متواصلة، وأدخلها عمر البشير تحت لواء الدولة وأسماها قوات الدعم السريع وجعلها تتبع له وتقوم بحمايته من أي انقلاب قد يقوم به الجيش ضده، الآن في هذه المرحلة نال هؤلاء لقبًا آخر ألا وهو الدعم السريع واستمروا في أفعالهم "الجنجويدية" في دارفور. اعتادت الحكومة السودانية إرسال هذه المليشيا بالتعاون مع الجيش في القيام بأعمال عنف وخراب وقتل لإنسان دارفور، بل وأرسلها الجيش خارج البلاد فشاركت في حرب اليمن، واستمر تحالف الجيش والدعم فترة طويلة. برزت هذه القوات على الساحة السياسية وتمددت داخل العاصمة وأغلبية ولايات السودان بعد أن كانت محصورة في الأقليم الغربي بعد الثورة السودانية، التي أشتعلت في 2018م ضد نظام البشير، خان حميدتي قائد هذه المليشيا عرابه وقائدة عمر البشير وانضم للمطالبين بإسقاطه، فكان ممن وقعوا على الوثيقة الدستورية التي كتبت كاتفاق بين الحركات المسلحة والقوى المدنية التي أتت بها الثورة. قبل هذه الحرب عرف سكان الخرطوم فظائع الجنجويد في فض اعتصام المواطنين الذي تمركز خارج القيادة العامة في 29 رمضان 2019م، فقتلوا واغتصبوا وأحرقوا وأغرقوا المعتصمين في النيل والذين شكلوا آلاف الأرواح، وصوروا أفعالهم تلك ورفعوها على مواقع التواصل الاجتماعي. قد يظن الظان أن فض الاعتصام ووحشيته كافية لإخراج هذه القوات وقائدها محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي من السلطة ومن الحياة السياسية بل ومحاكمته حتى!، لكن هذا لم يحصل واستمر وجود حميدتي في المجلس السيادي للحكومة الانتقالية وأصبح رئيسًا للجنة الاقتصادية فيه، وتمددت قواته في العاصمة حتى اعتاد الناس رؤيتهم في مداخل الجسور وفي أمام المباني بعرباتهم ودبابتهم المدججة بالسلاح، أربع سنين عاش الخرطوميون هذا الكابوس مع القنبلة الموقؤتة المسمية بالدعم السريع. نشبت حرب الدعم السريع ضد الدولة السودانية والجيش والمواطن نتيجة لانقلاب فاشل قامت به للاستيلاء على السلطة، نتج عنه معركة ما زالت مستمرة حتى اليوم داخل العاصمة ودارفور موطن الجنجويد وكردفان، وامتدت جنوبًا منذ منتصف ديسمبر إلى ولاية الجزيرة وعاصمتها ود مدني التي أصبحت أهم مركز حضاري بعد الخرطوم نسبة لنزوح كثير من أهل العاصمة إليها، فاصبحت الحرب الآن تهدد كل مواطن سوداني، تعالت إثر ذلك أصوات خلق مقاومة شعبية تهدف إلى طرد هؤلاء الأوباش ومدافعتهم، وهو أمر انتشر في الولايات الشمالية من البلاد، و انتظم الناس وفق قبائلهم وانتمائتم ليدافعوا عن أرضهم، ذلك أن الجنجويد أنفسهم يحاربون على أساس عرقي وقبلي، ويهدفون لإقامة مملكة العرق السامي التي قوامها عرب العطاوة، حرب السودان هي حرب أهلية بدأتها قوات الدعم السريع ضد المواطن السوداني بذرائع فاسدة لا تبرر قتلهم وسرقتهم وانتهاكهم لأعراض العُزّل المدنيين. عصماء الدخري
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق