إن من رحمة الله بعباده أنه لم يجعل الصيام يزيد عن الشهر فتملَّ النفس أو تكْسل، ولم يجعله أقل من ذلك فتقصر النفوس البعيدة عن اللحاق، فناسب من استعد واسترْوح في ظلال الشهر ومن غفل ثم انتبه على صوت الماء يفيض في الأودية وعلى رؤية البراعم تنبت في الشقوق وبين أحضان الجبال الجافة فأقبل في المنتصف أو التحق قبل أن تبتعد سحابة الخير المباركة. ويمضي الشهر ويترك لنا من ورائه ظلالا، أيامًا للصوم وعبادات أخرى لا تنقطع وإن انتهى الموسم الإيماني، وهنا يأتي أثر القطرات، فهل سنترك القلوب ينتقص ماؤها حتى يتسلل إليها حجاب الغفلة وتغادرها نسمات الرحمة؟ قد يبتعد القلب قليلًا ويلهو ساعات أو أيامًا لينال مكافأة الجد والاجتهاد السابق وليجدِّد ما خفت من نشاطه وطاقته، لكنه إن ترك ما كان بيده يسيرًا هيِّنا قبل أيام وأفْلته غفلة واستثْقالا قد تصبح استعادته عبئًا يعجز عنه أو يكسل عن بذل جهد كان هو في غنى عنه. فلنشدَّ عزم النفس ونذكرها ببعض ما حصّلت خلال الشهر لتحمله معها خلال العام أكمل القراءة على تبيان.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق