نعيش اليوم في ظل حياة تكنولوجية من الطراز الأول، تملأها الشاشات الإلكترونية الكبيرة والصغيرة، التي أصبحت ملاصقة لنا ليل نهار، فكيف تبدو التربية أو ما هي موقعها في ظل تلك الحياة التي أصبحت تتسم بالسرعة والتطور، والافتراضية، والقدرة المعلوماتية الهائلة التي تحويها الشبكة العنكبوتية؟ لقد تأثرت التربية تأثرًا بالغ الأثر بهذا التقدم التقني الهائل، وذلك التطور التكنولوجي الآخذ في النمو والتسارع بشكل يفوق قدرة المُرّبين والمُعلّيمن على الاستجابة له بالقدر المكافئ له، ولذلك ظهرت مفاهيم جديدة لتساير تلك الحداثة فنجد مفهوم "التربية الحديثة" على سبيل المثال يضع تصورات جديدة، ويُعيد صياغة وسائل وأدوات التربية من جديد، لتلائم هذه الحداثة، بما لا يخل من المبادئ والقيم الأساسية، فهل نجحت التربية الحديثة حقًا في ذلك؟! دعنا نلقى نظرة على تنشئة الطفل المسلم في ظل هذه التربية الحديثة، وتحديدًا في البيت المسلم، كم هو عدد الساعات التي يقضيها طفلك أمام شاشات الفضائيات أو أمام تطبيقات أحد الهواتف الذكية؟ ربما خمس أو ست ساعات في اليوم، وربما أكثر من ذلك، بل إن هناك العديد من الأمهات اللاتي يلجأن لهذه الوسيلة عمدًا كي تحصلن على قسطٍ من الراحة، أو إتمام بعض مهامهن المنزلية دون إزعاج، ومنهن من تعمل نهارًا فلا تجد ما تُرضي به أبنائها تعويضًا لغيابها عنهم سوى تلك الشاشات التي عزلتهم اجتماعيًا، وسرقت أرواحهم، وأفسدت عقولهم، وسلبت الطمأنينة والسلام من حياتهم! وفي هذا السياق تقول الدكتورة أروى عبد الحق -أخصائية تطوير السلوك وتنمية الصحة النفسية والعقلية للطفل-: "عندما نلجأ الى الأجهزة الإلكترونية لإلهاء الطفل وتحويل انتباهه فإننا نحرمه من فرصة التفاعل البنّاء مع محيطه الاجتماعي ومن تعلّم طرق التعامل والتواصل السليم مع الناس!" وهذا بالفعل ما نراه واقعًا في بيوتنا، تقول إحدى الأمهات: "إن أبنائي في أيام العطلة الأسبوعية يمكثون اليوم بأكمله أمام شاشة التلفاز، يحدقون فيها، مستمتعين بمشاهدة كرتون يتلوه كرتون، أو على قنوات اليوتيوب، دون ملل أو سأم، وهم في حالة غياب تام عما يدور حولهم!". هل فكرت تلك الأم، هي وغيرها من الأمهات اللاتي، لا تخلو بيوتهن من نموذج مشابه -يومًا ما- في ماذا يشاهد ابنها على هذه الشاشات وتلك القنوات على اليوتيوب؟! ما طبيعة تلك المواد التي تعرض عليهم ليل نهار، وما هي محتواها؟ هل تتفق مع عقيدتنا وأفكارنا وقيمنا وأخلاقنا الإسلامية القويمة؟ هل تصلح حقًا مع بيوتنا وأطفالنا، الذين نبتغي أن ننشئهم نشأة دينية خالصة، ونُعدّهم لأن يكونوا جيل التمكين، الذي يعيد لهذه الأمة مجدها وعزها؟! بالتأكيد ستصاب بالذهول لما ستشاهده، وسوف تكتشف حجم الكارثة، وعمق الوحل، الذي أوقعنا فيه أبنائنا بأنفسنا، وتركناهم لعبث تلك الآلة الغربية الممنهجة لتعبث بعقولهم وقلوبهم وعقيدتهم كيفما تشاء! أكمل قراءة المقالة على تبيان |