لقد فشل الحديد والنار في انتزاع الإسلام من صدور المسلمين وعقولهم، ودائماّ ما ترتد الفلول الغربية مدحورة ذليلة أمام جهاد المسلمين وثباتهم، ففشلت الهيمنة العسكرية الغربية في بلوغ غايتها وتحقيق مرادها فلجأت إلى أساليب ووسائل أشد خطراً ومكراً، إنه الاستعمار الجديد أو الهيمنة الناعمة، غزو فكري وسياسي واجتماعي وثقافي لا هوادة فيه، جعل من الأمة الإسلامية الواحدة أمماً متفرقة، ومن الدولة الإسلامية الواحدة دويلات متناحرة، ومن النظام الإسلامي الجامع أنظمة أرضية وقوانين وضعية، ومن أخلاق المسلمين الراقية أخلاقاً هابطة تقوم على التقليد الأعمى. غزت العلمانية بلاد المسلمين وتميّع شبابهم وزُرعت بذور التشكيك والإلحاد في نفوسهم وتفتتت وحدتهم وذهبت عزتهم بدينهم، وما انتشار المدارس الغربية وجامعاتهم في بلدان العالم الإسلامي إلا دليلاً على هذه الهيمنة، فقد كان انتشار هذه المدارس بداية الطريق لتنصير المسلمين ولذلك أُنشئت الكلية الإنجيلية ببيروت والجامعة الأمريكية في مصر. وتعمل هذه المدارس اليوم سواء فرانكفونية كانت أو أنجلو سكسونية على ما يسمى تطوير المناهج التعليمية في بلادنا ويشمل كل ما يتصل بمبادئ الدين والأدب والفلسفة والعلوم لخدمة الفكر الغربي ومشاريعهم التغريبية ولغسل أدمغة الجيل المسلم من المعتقدات والأخلاق الفاضلة ومن كل القيم التي ثبتها الإسلام في النفوس. لسنا نغالي إذن حين نتحدث عن الهيمنة الغربية على عالمنا الإسلامي، بل نحن مقصرون تجاه تبيانها ثم نقضها، وهذا واجب على كل مسلم يغار على دينه وأمته، فمعركة الوعي ضد أعداء الأمة من أهم المعارك، فهي تذود عن الأمة سموماً قاتلة، إذا تمكنت من العقول شوّهتها وإذا اخترقت القلوب أفسدتها وإذا لامست النفوس الضعيفة أفجرتها، فليتجند كل مسلم وليتزود بالعلم والصلاح لخوض هذه المعركة. أكمل القراءة من تبيان.
|