كعادة الشيخ في تناول المواضيع الحساسة في دراساته قدم بحثه بتوطئة جميلة لظاهرة "سلطة الثقافة الغالبة" التي رصدها السابقون الأولون من علماء وأئمة الإسلام، والتي لخصها ابن خلدون في نصه التنظيري بتميّز لا ندّ له، حين قال في الفصل الثالث والعشرون من مقدمته: "المغلوب مولع أبدًا بالاقتداء بالغالب: في شعاره وزيّه ونحلته وسائر أحواله وعوائده؛ والسبب في ذلك أن النفس أبدًا تعتقد الكمال فيمن غلبها وانقادت إليه، إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه، أو لما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي، إنما هو لكمال الغالب. فإذا غالطت بذلك، واتصل لها اعتقادًا. فانتحلت جميع مذاهب الغالب وتشبهت به.. حتى أنه إذا كانت أمة تجاور أخرى، ولها الغالب عليها: فيسري إليهم من هذا التشبه والاقتداء حظ كبير" واسترسل الكاتب لاحقًا في تحليل ظاهرة الهزيمة النفسية لثقافة الغرب الغالب، والتي ظهرت ملامحها منذ قرابة المئتي سنة في زمن "رفاعة الطهطاوي" و"جمال الدين الأفغاني"، والتي كررت نفس السلوك التاريخي السابق وهو تأويل المعطيات الشرعية لتوافق الثقافة الغالبة وخصوصًا عبر آلية حقن اللفظ التراثي بالمضمون الغربي تمهيدًا لتبيئته. وبعد سرد للعديد من الشواهد على ظاهرة الخنوع لهيمنة الثقافة الغالبة.
أكمل القراءة من تبيان.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق