يتبادر بذهني حال إخواننا في فلسطين، وما يحدث لهم من تنكيل وتشريد من المغتصب اللعين، فلو أمعنا النظر من منظور حسي لما يحدث هناك، لاستسلمنا وأطلقنا التساؤلات، متى النصر وأين الحكمة من هذه الحرب؟ بل قد يصل الحال بنا أن نجعل الحق مع المتجبر الظالم! هذا نظرنا القاصر، لكن سرعان ما يأتي القرآن ويبدد شعورنا ويرتب أفكارنا، ويخبرنا في مواضع كثيرة أن النصر والتمكين بيد الله، يحدده متى شاء وأنّى شاء. فأولئك الصحابة رضوان الله عليهم منهم من قضى نحبه قبل إدراكه فتح مكة، منهم حمزة رضي الله عنه، ومصعب بن عمير رضي الله عنه الذي وقف الرسول صلى الله عليه وسلم عليه في غزوة أحد ونظر إليه وتلا قوله تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] كما ذكر ابن كثير في البداية والنهاية. وعمار بن ياسر وأبواه، ما كان من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن قال لهم: صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة، وانظر إلى تصبيره إياهم، لم يعدهم النصر والتمكين العاجل لأنه أمر بيد الله، وإنما وعدهم الجنة الوعد الذي قطعه الله على نفسه للمؤمنين. وقد يأتي الفرج بالنصر والتمكين ولا يقف عند هذا، بل يُنظر إلى ما بعده، أشكر وعمل على إقامة الحق، أم كفر وجحود؟ قال تعالى {قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَنا ۚقَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [ الأعراف: 129]، وقال سبحانه {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [يونس: 14]، فكما أن الهزيمة ابتلاء، فالنصر كذلك. أكمل المقال على تبيان |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق