وهذه الظاهرة -أقصد التطفُّل على العلم الإسلامي- وليدة عهد بعيد، بل تكاد لا تنفكُّ عن مسيرة العلم الإسلامي منذ بدئه. كما لم تنفكَّ محاولات دحضها وردِّها، والحد من آثارها السلبية. ومن آثار تلك الجهود المُباركة في الرد ظهور مُصطلحَيْ: التطفُّل على العلم، وتسوُّر العلم. يقصد بهما قائلهما ذلك الشخص الذي يدرك نُتفًا من هنا وهناك، ثم يدِّعي العلم. و"يدِّعي العلم" تعبير يشبه تعبير "يدِّعي النبوة"، ويقصدون به أن مُدَّعي العلم لم يكتفِ باعتقاد العلم في نفسه، بل يريد أن يُصدِّر الخطاب العلمي للآخرين بلغة العصر. وتعبير "تسوُّر العلم" يعنون به أن للعلم بابًا معروفًا صعب الولوج، وطريقًا مألوفًا وعر السلوك فيه؛ لكنَّ البعض اختار ألَّا يلج من الباب، واستسهل القفز على الأسوار؛ ظنًّا منه أنه صار من "أهل العلم". ويوحي تعبيرهم بالازدراء -كما هو واضح-؛ فهو يصوّر المُتسوِّر في صورة اللصّ الذي يقتحم حياض العلم المصونة. واستمرَّت ظاهرة التطفُّل في العصر الحديث؛ فقد صدرت الكثير من الكُتُب والمقالات، وأقيمت الكثير من المحاضرات والندوات من غير ذوي اختصاص. وكثير من هذه النشاطات كانت ذات أثر ضخم في انفجار الواقع الإسلامي، بما تضيفه من فُهُوم خاطئة، ومُناقشات عبثية، وأفكار مُبتسرة. ولا أقصد بغير المُتخصصين هنا فئة تُهاجم الإسلام، أو تُناوئ الفكر الإسلامي وحسب؛ بل أقصد -في المقام الأول- تلك الفئة التي تُنافح عن الإسلام من غير المتخصصين. ثم هلَّ علينا "عصر التواصل الاجتماعي"؛ لتتفاقم هذه الظاهرة ألفًا من الأضعاف، وتصير خطرًا حقيقيًّا يهدد العلم الإسلامي. فقد امتلأت الساحة بعشرات الآلاف من المقاطع المصوَّرة والمقالات المبثوثة والمعلومات المُصدَّرة من قِبَل هذه الفئة. تُنشر بحرية تامة، وبلا أدنى رقابة أو مُساءلة! أكمل المقال على حكمة يمانية |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق