ثانيا: أما ثوابت أهل الكتاب في هذا الصراع فتُعرف من خلال عقائدَ وشرائعَ دخلها التحريف أو النسخ، لكنها لا تزال تُصنَّع من مجموعها (ثوابت) يهتدي بها الساسة، وتوجه في مساربها مسارات السياسة، ولقد كانت وستظل ظلا يخيم في خلفية الأفكار والخطوات والمخططات التي تنطلق منها مشاريعهم المتعلقة بقضية فلسطين على وجه الخصوص، وكذلك ما يسمى بقضية الشرق الأوسط القديم أو الجديد على وجه العموم. ولعل أحداث العقود الثلاثة الأخيرة تثبت أن تلك «الثوابت» لا تزال تعشش في أدمغة الفريقين من أهل الكتاب، حتى وإن سترتها ظاهريا القبعات أو الخوذات؛ فالاعتقاد بأحقية اليهود والنصارى الدينية في أرض فلسطين، وملكيتهم لما يسـمونه بـ(جـبل الهيكل) المقام عليه المسجد الأقصى، بل ووراثة هؤلاء للأرض الممتدة من النيل إلى الفرات باعتبار ذلك بداية للحرب الكبرى ضد (محور الشر) الذي يمثل المسلمون ضلعا فيه باعتقادهم؛ كلها تمثل ثوابتَ إجماليةً لنظرية عندهم، تتفرع عنها ثوابت تفصيلية عملية، يحرصون على تنفيذها على أرض الواقع. ولذلك فإن المشروع الصهيوني مشحون بالشعارات والشارات والاستراتيجيات القائمة على أسس وأبعاد دينية، تهدف في النهاية إلى الوصول إلى «العلو الكبير» لبني إسرائيل في زمنهم الأخير، الذي تحدثت عنه سورة الإسراء. أكمل القراءة من تبيان
|