اعتادت أم خالد أن تستيقظ كل صباح لتجهيز وجبة طعام لابنها خالد، وكان خالد دائمًا يشكرها ممتنا : "شكرًا، سلمت يداكِ". كلمات شكر عادية قد ربته أمه عليها، فهي كلمة بسيطة لكل من يسدي له معروفًا. ولكن لم تكن لهذه الكلمات وقع كبير في قلبها، فما هي سوى ترانيم اعتادت عليها. حتى جاء يوم تلقت فيه اتصالًا من مدرسة خالد، يطلب فيه المدير حضورها على الفور. هرعت الأم إلى المدرسة، ليخبرها المدير عند وصولها بأن خالد قد ضرب أحد زملائه، تفاجأت الأم، إذ لم يكن ابنها ممن يلجؤون إلى الغضب أو العنف، فعند عودتهما إلى المنزل، جلست معه في غرفته، وقالت: "أخبرني بما حدث، وإني لمصدقتك". أجاب خالد: "كنت في الاستراحة أتناول الطعام الذي حضرتهِ لي، فإذا بفلان يستهزئ بالطعام حتى أنه تجرأ على محاولة إلقاءه من يدي، عندها، لم أتمالك نفسي وضربته، صارخًا: "هذا طعام صنعته أمي لي بيديها!"، عند هذه الكلمات امتلأت عينا الأم دمعًا، وأدركت مدى حب ابنها وامتنانه لها، فهو قد حرص على تقدير كل لقمة أعددتها له، ودافع بشدة عمن تجرأ على الاستخفاف بها. هنا تتجلى حقيقة الشكر، فالشكر ليس بكلمات ننطقها فقط، بل هو عمل نظهر به صدق شكرنا. أما وقد منّ الله علينا ببلوغ رمضان وأعاننا فيه على الصيام والقيام وشتى العبادات، أصبح لزامًا علينا شكر الله على نعمته وفضله، لا بالقول فقط، وإنما بصدق العمل، بأن نعاهد الله على صون ما رزقنا من عبادة وتجنب ما نهانا من معصية، متبعين ذلك بفرحة العيد، تعظيمًا لشعيرة الله، غير مبالين بأصحاب الشؤم الذين جعلوا العيد تجديدًا للأحزان. فارفعوا أصواتكم بـ "الله أكبر الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا" محلقين بها من الفرح والسرور، معظمين بها شعائر الله، عسى الله أن يكتبنا بها ممن بلغوا أسمى درجات الشكر، وكانوا من القلة "وقليل من عبادي الشكور". وقد أكرمنا الله بخدمتكم في هذه النشرة بحقيبة نرجوا من الله أن تكون زادًا وعونًا لكم، أبلغنا الله وإياكم يوم العيد، وكل عام وأنتم بخير.
|