عاد محمود من عمله متعبا كعادته، لكن عاد مبكرا فالتوقيت يتغير في رمضان، بينما هو ينتظر وجبة الإفطار، جلس يُقلب قنوات التلفاز، هائم بينها، لم يركز في شيء، فهدفه أن يرتاح فقط. بينما هو كذلك إذ به يلحظ به شيئا عجيبا استثار انتباهه، كلما فتح قناة لا تعتمد المرجعية الدينية كأساس إلا ويرى على وجوههم السعادة والاسبشار، وما إن يفتح قناة دينية إلا ويرى المآسي والحروب والاكفهرار. استغرب من ملاحظته هذه.. أعاد الجولة مرة أخرى ليرى هل ملاحظته على حق... بعد هُنيهة من الزمن تأكد مما استنتجه.. استثار هذا الأمر حفيظته: "لماذا أهل الحق دائما في تعاسة وأهل الباطل في فرح وحبور؟" قطع آذان المغرب فكره... لكن ما إن سلك طريق التراويح إلا وعادت دوامة الأسئلة تجول في خاطره. صلى العشاء مع الإمام من دون أن يعرف بماذا قرأ ولا كيف مرت الصلاة. لكن ما إن بدأت أول ركعة في التراويح إلا وبه يتفاجأ من هذا الصوت الجهوري الندي الجديد: (الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ)، كأن شيئا ما وقع في قلبه: هل سأجد الحل في هذه السورة؟ أنصت للقصة كأنه لأول مرة يسمعها، يا لها من مفاجأة: هذا نبيه الله يوسف عليه السلام (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ)، وما بين هذا وقول ربنا الرحمن أنه (وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلِنُعَلِّمَهُۥ مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِۚ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ) إلا آية! خرجت الدمعة تلو الدمعة وهو يفهم هذا المعنى، يوسف الكريم على الله بيع بأبخس الأثمان ولكنه مُكن له من عند الغالب على أمره؟ لماذا هذا اليأس والإحباط والله تعالى هو مالك الملك؟ هذا ما سنتناوله في نشرتنا هذه، مجددين لأرواحنا بعزائم وقادة.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق