كلما تراكم غبار الوهم فوق سطح الحقيقة، أصبحت الحقيقة غريبة زمن استعلاء ذلك الوهم. قد تبدو بعض المفاهيم غريبة اليوم بينما كانت قبل ثمانين أو مئة سنة فقط أمور بديهية لا يختلف فيها اثنان، فالأمر مرتبط إذن بالطريقة التي يقع بها تشكيل وعي أجيالنا المعاصرة خلال المئة سنة الفارطة عبر المؤسسات الفكرية الرسمية، إلى أن استقر على هذه النسخة الحالية؛ نسخة الحياة داخل تقسيم جغرافي لم يضع حدودَه أهلُ البلد ولا اختاروه، ولا شاركوا في قرار رسمه، لكنهم ولسبب ما ملزمون بالاعتقاد بقدسية تلك الخطوط، وبالالتزام بما تفرضه تلك القدسية… إن الفكرة القومية التي تحكم عالمنا الإسلامي اليوم قد حولته إلى جزر متفرقة، يتوزع على حدود كل جزيرة عساكر سلاحهم متجه للداخل، لحراسة بقاء هذا الوضع، وحراسة لوازم هذا الوضع من فرقة وضعف وتبعية، بينما تؤجج الشحناء داخل كل جزيرة على سكان بقية الجزر، وتنفخ فيهم النزَعات العنصرية التي تقدم لهم كهوية مصطنعة. وإن كانت الفكرة القومية تحكم بالجبر حدود البلدان فإنها تتحكم كذلك بالقهر في عقول المسلمين. نحاول في هذا المقال بيان حقيقة الرابطة التي تجمع بين أفراد الأمة أينما كانوا، وما يترتب على تلك الرابطة، خاصة في ما يتعلق بقضايا المسلمين.
أكمل القراءة من تبيان.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق