استنشقت رائحة ابنها الأخيرة، فهي ستأخذه إلى قبره الذي سيحتضنه بدلا عنها. تذكرت سويعات الرضاعة التي كانت تحتضنها فيه، كم كانت تحب تلك الرائحة. لكن ما في اليد حيلة إنها أقدار الله تعالى، فالصبر الصبر. لم تتسخط بل استقبلت الحياة بعدها أيما استقبال. توقف لبرهة أيها القارئ الكريم... إنها ليست أم سليم التي نعرف قصتها كلنا، إنما هي أم نضال، المرأة الغزاوية الصابرة المحتسبة، ولا نزكيها على الله، والتي لم تقدم ابنا واحدا في سبيل الله، إنما هم أبناء! وابنها ذاك ليس رضيعا، إنما هو شاب في مقتبل العمر، تذكرت سويعاتها معه قبل أن تفارقه في هذه الحياة الدنيا، وهي تعلم بيقين أنها ستلقاه في جنان الخلد. يا له من قلب! قلب أولئك الغزيين؟ في أي عالم يعيشون؟ وأي معاني يتذوقون؟ أرأوا الجنة رأي عين حتى تذلل لهم الصعاب؟ أم أنهم من الرعيل الأول الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان وجودهم في هذا الزمن خطأ؟ أسئلة كثيرة تدور في خلدنا أجمعين، كيف السبيل إلى ما وصلوا من قوة الإيمان والثبات على الحق؟ لن ندعي في هذه النشرة أننا سنصل إلى ما وصلوه، فذاك مقام لن تناله ببضع مقالات أو فيديوهات، إنما هي درجات لا تٌنال إلا بالمعايشة، ولكن كما يُقال: ما لا يُدرك كله لا يترك جله. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق